يقع متحف مخلفات الحرب في قلب مدينة هو تشي منه بفيتنام، وهو أحد أكثر المتاحف تأثيرًا في البلاد، حيث يعكس أهوال الحرب وآثارها العميقة على الشعب الفيتنامي. تم افتتاحه لأول مرة عام 1975، بعد فترة قصيرة من انتهاء الحرب الفيتنامية، وكان يهدف إلى توثيق الفظائع التي ارتكبت خلال الحرب، خاصة من قبل القوات الأمريكية، وتأثيراتها المستمرة حتى يومنا هذا.
عند دخول المتحف، يجد الزائر نفسه محاطًا بأجواء ثقيلة ومؤثرة، حيث تبدأ الجولة برؤية المعدات العسكرية الثقيلة التي كانت تستخدم في الحرب، مثل الدبابات والطائرات والمروحيات، بالإضافة إلى القنابل الضخمة التي لم تنفجر وبعض الأسلحة التي استخدمت ضد الجنود والمدنيين. تنتشر في ساحة المتحف الخارجية هذه البقايا التي تمنح الزائر تصورًا واضحًا عن حجم الدمار الذي شهدته البلاد خلال سنوات الصراع.
في الداخل، ينقسم المتحف إلى عدة صالات عرض، كل منها تروي جزءًا مختلفًا من القصة. إحدى أكثر القاعات تأثيرًا هي تلك التي تعرض صورًا فوتوغرافية مأخوذة خلال الحرب، والتي التقطها مصورون عالميون كانوا في قلب الأحداث. هذه الصور توثق معاناة المدنيين، خاصة الأطفال والنساء، إلى جانب صور الجنود المصابين وأولئك الذين فقدوا حياتهم في المعارك. لا تقتصر المعروضات على الصور فقط، بل تشمل أيضًا وثائق رسمية، خطابات، وأدوات استخدمت خلال الحرب، مما يمنح الزائر إحساسًا قويًا بواقعية تلك الفترة الدامية.
من أكثر الأقسام إيلامًا في المتحف ذلك الذي يعرض تأثير استخدام الأسلحة الكيميائية، وخاصة مادة العامل البرتقالي، التي ألقتها القوات الأمريكية على الأراضي الفيتنامية خلال الحرب. يعرض هذا القسم صورًا للضحايا الذين عانوا من تشوهات خلقية وأمراض مستعصية، وهي تأثيرات لا تزال قائمة حتى اليوم، حيث يعاني بعض الأجيال الجديدة من آثار هذه المواد السامة. رؤية هذه الصور وقصص الأشخاص الذين تأثروا بهذه الأسلحة يجعل الزائر يدرك مدى وحشية الحرب وتأثيراتها التي لا تقتصر على ساحة المعركة فقط، بل تمتد لأجيال طويلة.
إلى جانب ذلك، يحتوي المتحف على قسم يوثق المذابح التي ارتكبت بحق المدنيين العزل، مثل مجزرة ماي لاي الشهيرة، حيث قُتل مئات الأشخاص بوحشية على يد الجنود الأمريكيين. يتم تقديم هذه المعلومات من خلال صور وشهادات الناجين، مما يجعلها تجربة عاطفية مؤلمة لكل من يشاهدها.
رغم أن المتحف يركز بشكل كبير على معاناة الفيتناميين خلال الحرب، إلا أنه يحمل رسالة أوسع تدعو إلى السلام ورفض العنف. أحد أركان المتحف يعرض قصص التضامن والدعم الذي تلقته فيتنام من الشعوب الأخرى، بالإضافة إلى رسائل مناهضة للحرب كتبها أشخاص من مختلف أنحاء العالم.