يقع منتزه كوك فونغ الوطني في مقاطعة نينه بينه بشمال فيتنام، ويُعتبر أقدم وأحد أكبر المنتزهات الوطنية في البلاد. يمتد المنتزه على مساحة تزيد عن 22,000 هكتار، وهو موطن لتنوع بيولوجي مذهل، حيث يضم غابات مطيرة كثيفة، وأنواعًا نادرة من الحيوانات والنباتات، إلى جانب مناظر طبيعية تخطف الأنفاس. يُعد كوك فونغ وجهة مثالية لعشاق الطبيعة والمغامرة، حيث يجمع بين الجمال البكر والتراث البيئي الفريد.
عند دخول المنتزه، يلفت انتباه الزوار الأشجار العملاقة التي يزيد عمرها عن ألف سنة، والتي تقف شامخة وسط الغابة الكثيفة، شاهدة على التاريخ الطبيعي العريق للمنطقة. الممرات المتعرجة داخل المنتزه تقود الزائر عبر مشاهد متنوعة، من الوديان العميقة إلى الجبال الصخرية المكسوة بالخضرة، مما يجعل كل خطوة في الرحلة مغامرة بحد ذاتها.
يُعرف منتزه كوك فونغ بأنه موطن لبعض أندر الكائنات الحية في فيتنام، بما في ذلك قرد دلعاء الهند الصينية، وهو نوع مهدد بالانقراض لا يوجد إلا في مناطق محدودة من العالم. كما يعيش في المنتزه نمر الهند الصينية، إلى جانب العديد من الطيور الملونة والفراشات التي تزين السماء بألوانها الزاهية، خاصة في موسم الربيع عندما تتحول الغابة إلى معرض طبيعي نابض بالحياة.
يُعد المنتزه أيضًا ملاذًا لمحبي استكشاف الكهوف، حيث توجد العديد من الكهوف القديمة التي تحمل آثارًا تاريخية، مثل كهف الرجل البدائي، الذي اكتُشفت فيه أدوات حجرية وعظام بشرية تعود إلى آلاف السنين، مما يشير إلى أن المنطقة كانت مأهولة منذ عصور ما قبل التاريخ. هذه الاكتشافات جعلت المنتزه ليس فقط وجهة طبيعية، بل أيضًا موقعًا أثريًا مهمًا يُظهر عمق التاريخ الفيتنامي.
أحد أكثر الأماكن شهرة داخل المنتزه هو مركز إنقاذ الرئيسيات المهددة بالانقراض، حيث يتم رعاية أنواع نادرة من القرود وإعادة تأهيلها قبل إطلاقها في البرية. يوفر المركز فرصة نادرة للزوار لرؤية هذه الحيوانات عن قرب وفهم الجهود المبذولة لحمايتها من خطر الانقراض.
بالإضافة إلى التنوع البيئي، يتمتع المنتزه بمناخ لطيف على مدار العام، مما يجعله مثاليًا للمشي لمسافات طويلة وركوب الدراجات الجبلية. يمكن للزوار الاستمتاع بجولة وسط الأشجار الكثيفة، أو تسلق التلال الصغيرة التي توفر إطلالات بانورامية على الغابة، حيث تمتد المناظر الطبيعية الخلابة بلا نهاية.
خلال الربيع، يتحول المنتزه إلى جنة لمحبي الفراشات، حيث تتجمع آلاف الفراشات الملونة في مشهد ساحر يجذب المصورين وعشاق الطبيعة من جميع أنحاء العالم. هذا الحدث الفريد يجعل زيارة المنتزه في هذا الوقت تجربة استثنائية لا تُنسى.
يُعتبر كوك فونغ أيضًا وجهة مثالية لمحبي التخييم، حيث يمكن للزوار قضاء الليل وسط الطبيعة والاستمتاع بأصوات الغابة الهادئة. كما تتوفر بيوت ضيافة بسيطة داخل المنتزه، مما يسمح للزوار بقضاء المزيد من الوقت في استكشافه دون الحاجة إلى العودة إلى المدينة.
ختامًا، فإن منتزه كوك فونغ الوطني ليس مجرد محمية طبيعية، بل هو تجربة متكاملة تجمع بين استكشاف الحياة البرية، والاستمتاع بالمناظر الطبيعية، والتعرف على التاريخ العريق للمنطقة. سواء كنت من محبي المغامرات أو الباحثين عن لحظة هدوء في أحضان الطبيعة، فإن زيارة هذا المنتزه ستمنحك تجربة لا تُنسى في قلب فيتنام.